عقد التسيير الحر وعقد التسيير المأجور
قد تقع المقاولة في وضعية استحالة التسيير المباشر لأنها تمتلك مجموعة من الأصول التجارية، وبالتالي تواجه صعوبات واقعية مادية في مواجهة مباشرة لعمليات التسيير التي يقتضيها كل أصل على حدة، كما تكون مضطرة إلى استقدام مسيرين مأجورين بصرف النظر عن التسمية أو الإطار القانوني: رئيس مؤسسة مدير مسير... وهذا حال المقاولات التي تمتلك مؤسسات مختلفة كفروع متعددة وفي عدة مراكز تجارية وبالتالي يعتبر المسير أجيرا حتى ولو مارس صلاحيات يحددها القانون، حيث يشتغل لحساب المؤسسة أو المقاولة التي تشغله رغم الاستقلال أو حرية التصرف التي قد يتمتع بها؛ وهو ملزم دائما بتقديم الحساب للمشغل. ولا يكتسب المسير المأجور صفة التاجر المرتبطة بشخص المالك الذي يبقى المسؤول الوحيد أمام الغير في أداء واجب الكراء والضرائب وسائر الديون المترتبة عن استغلال الأصل التجاري كما لا يتحمل المسير المأجور المخاطر التجارية أو المالية للمقاولة ولقد تناولت
أوضاعه المواد 6 و7 من قانون الشغل وتستمر المقاولة المالكة للأصل التجاري في تحصيل ثمار الاستقلال وأرباح التجارة وتحمل الخسائر والمخاطر؛ ولا يغير من وضع المسير المأجور تحصيله النسبة معينة من الربح. ويضع بعض الفقه عقد الإدارة البسيطة في مواجهة التسيير الحر للأصل التجاري فبموجب الإدارة البسيطة يسلم صاحب أصل تجاري استثمار هذا الأصل أو فرع له إلى شخص يكون وكيلا مأجورا أو مستخدما عاديا، ما يجعل العقد أحيانا يتصف بصفة الوكالة وأحيانا أخرى بعقد شغل. وبالتالي تتأرجح علاقة مالك الأصل بهذا الشخص بين أحكام الوكالة وأحكام عقد الشغل.
ويتمتع الوكيل في العادة بسلطة واسعة في الأعمال الإدارية وبسلطة يحددها الموكل، أما العامل فيخضع لإشراف رب العمل ورقابته ويتلقى منه الأوامر والتعليمات، وبالتالي يتمتع
الوكيل بسلطات وصلاحيات أوسع. أما في عقد التسيير الحر فإن تسيير الأصل التجاري يتخذ شكل نشاط تجاري مستقل تمام الاستقلال من قبل المسير، حيث يمارس هذا الأخير نشاطا مستقلا عن أية علاقة تبعية مع مالك الأصل التجاري، وهو يمارس الأنشطة التجارية التي يحتضنها الأصل التجاري لحسابه الخاص متحملا الربح والخسارة في حرية واستقلال دون رقابة من مالك الأصل من هنا اشتقت تسمية التسيير الحر.