قواعد الاسناد في تنازع القوانين
من المؤكد أن تنازع القوانين هو تنافس بين قانونين أو أكثر نتيجة ارتباط العلاقة القانونية بأحد عناصرها الأجنبية فيلجأ القاضي لحل النزاع المعروض عليه إلى القواعد التي يضعها المشرع لتحديد القانون الأنسب والعادل لحكم العلاقة القانونية فيطلق عليها قواعد الإسناد .فما مفهوم قواعد الإسناد؟ وخصائصه؟ و عناصره ؟
أولا : مفهوم قواعد الإسناد
يقصد بقواعد الإسناد "مجموعة من القواعد القانونية التي ترشد القاضي إلى القانون واجب التطبيق على العلاقات القانونية ذات العنصر الأجنبي"، ونشير إلى أن في كل حالة من التنازع نصادف قضيتين أساسيتين،تحديد القانون الواجب تطبيقه، وثانيهما تطبيق هذا القانون على النزاع المعروض على القاضي.
وبالتالي، فقواعد الإسناد قواعد غير مباشرة موجهة ، ترشد القاضي إلى القانون الواجب التطبيق وتشبه إلى حد ما مكتب الإرشادات في محطات السكك الحديدية كما شبهها بعض الباحثين.
ثانيا : عناصر قواعد الإسناد
لاشك أن كل قاعدة من قواعد الإسناد تتكون من عناصر ثلاث : وهي الفكرة المسندة ، ضابط الإسناد والقانون المسند إليه.
1- المسألة القانونية المسندة
إن العلاقات والمراكز القانونية التي تتضمن عنصرا أجنبيا غير محصورة العدد ، ومن ثم يتعذر صياغة قاعدة إسناد لكل علاقة قانونية، فيلجأ المشرع إلى تقسيم هذه العلاقات إلى طوائف مختلفة تسمى بالمسألة المسندة، وكل فئة من هذه الفئات المتشابهة وضع المشرع ضابطا خاصا يسندها إلى قانون معين فمثلا الأحوال الشخصية يسند المشرع أفكارها إلى قانون الجنسية كالحالة المدنية والأهلية، وفكرة الالتزامات التعاقدية إلى قانون الإرادة وفكرة الأموال إلى قانون وجود هذا المال وهكذا.
2- ضابط الإسناد
من المعلوم أن أي علاقة قانونية تتكون من ثلاثة عناصر(الأطراف، المحل ،السبب)، وبالتالي يتم تحديد ضابط الإسناد لكل علاقة قانونية معينة عن طريق اختيار أحد هذه العناصر، الذي يشكل مركز ثقل على العلاقة القانونية( مثال ذلك جنسية الشخص أو موطنه أو بعض أو موقع المال ، مكان التنفيذ ، محل وقوع الضرر .....).
3- القانون السند اليه
إن إعمال قاعدة الإسناد يترتب عنه ثبوت الاختصاص لقانون دولة معينة، فما هو إذن مضمون اصطلاح القانون ؟ وما المقصود بكون هذا القانون هو قانون دولة معينة؟
لاشك أن في حالة تطبيق أي قاعدة من قواعد الإسناد كتلك المقررة بشأن الحالة والأهلية التي تفضي إلى قانون جنسية الشخص، ومن ثم ثبوت الاختصاص للقانون الانجليزي مثلا ، فإن التساؤل الذي يطرح في هذا الإطار هو تحديد نطاق هذا القانون ؟ هل يقصد بها القواعد الموضوعية أم قواعد الإسناد ؟ أو هما ؟.
فإذا كان المقصود بالقانون الإنجليزي قواعده الموضوعية، فإن القاضي يفصل في النزاع طبق القواعد الموضوعية دون إشكال ، أما إذا قصد بذلك قواعد الإسناد فإن القاضي المعروض عليه النزاع يتعين عليه تطبيق قاعدة الإسناد الإنجليزية، فإذا كانت تنيط القاعدة تثبت الاختصاص للقانون الإنجليزي ذاته طبق القواعد الموضوعية في هذا القانون، أما إذا كانت تنيط الاختصاص بقانون آخر بها في ذلك ؟ الخاصة بالتنازع ، بحيث لا يطبق القاضي في النهاية إلا القانون الذي يقبل الاختصاص المعروض عليه، فيطلق على هذه العملية بالإحالة.
ثالثا : خصائص قواعد الإسناد
تتميز قواعد الإسناد بالخصائص التالية:
1- قواعد غير مباشرة أو موجهة ، لا تعطي الحل مباشرة للنزاع، وإنما تقوم فقط باختيار أنسب القوانين لتحديد القانون واجب التطبيق سواء كان وطنيا أو أجنبيا ،وبالتالي فهي بمثابة تحديد للاختصاص التشريعي.
2- قواعد قانونية ملزمة، تخضع للجزاء ويمكن الطعن في حالة عدم تطبيقها،أو عند تطبيقها بشكل خاطئ.
3- قواعد داخلية، حيث أن القانون الدولي الخاص لكل دولة هو الذي يعود إليه أمر تعيين القانون واجب التطبيق سواء كان قانونا داخليا أو أجنبيا..
4- من قواعد القانون الخاص، ويترتب على ذلك أن العلاقات القانونية التي تنشأ بين
الدول ينظمها القانون الدولي العام لا القانون الدولي الخاص، أما العلاقات القانونية الخاصة التي تنتمي إلى فروع القانون الخاص التي تكون فيها أحد أو أكثر عناصرها أجنبيا كالقانون المدني أو التجاري ، فيحكمها ق دخ ماعدا القانون الجنائي و القانون الضريبي القوانين ذات السيادة.
5- هي قواعد مزدوجة الجانب، وغير محددة المضمون، فهي تشير إلى القانون واجب التطبيق الذي قد يكون قانونا وطنيا أو قانونا أجنبيا..