إن حق المؤلف بطبيعته ينطوي على مجموعة متنافرة من الصفات بعكس أي ملكية مادية ؛ وهذا التنافر بين عناصر الحق الواحد هو سر في الخلاف حول طبيعة هذا الحق فأي مصنف من المصنفات يمر بثلاث مراحل: مرحلة يضل فيها المصنف رهن مشيئة صاحبه إن شاء حجبه عن الناس وإن شاء نشره لهم؛ فان اختار المؤلف السبيل الثاني انتقل المصنف إلى المرحلة الثانية ؛ وهي مرحلة يصبح للمؤلف على المصنف حقوق أدبية وأخرى مالية ، ويصبح المصنف في هذه المرحلة مالا من أموال المؤلف ويدخل في دائرة التعامل، ويصبح محلا لمختلف العقود, فان انتقل المؤلف إلى رحاب الله ومضت فترة معينة على وفاته انسلخ الحق المادي عن المصنف ليبقى الحق الأدبي وحده مؤبدا وهي المرحلة الثالثة من عمر المصنف.
والحقوق الأدبية هي الحقوق اللصيقة بشخصية المؤلف ولهده الحقوق الأولوية والأسبقية عن الحقوق المالية المقررة للمؤلف، لأنها ليست فقط ما يعني به المشرع في المقام الأول ولكن لأنها تتمتع بمدى أوسع عن الحقوق المالية من حيث تمتع المؤلف بها وما تتصف به من خصائص، فهي حقوق دائمة (المادة 25)، وغير قابلة للتنازل عنها (م 39)، وغير قابلة للسقوط بالتقادم (م25)، وحتى في حالة تخليه عنها، يمتلك الحق فيما يلي:
1) أن يطالب بانتساب مؤلف له 2) أن يبقى اسمه مجهولا أو أن يستعمل اسما مستعارا 3) أن يعترض على كل تحريف أو بتر أو أي تغيير لمصنفه أو كل مس به من شأن أن يلحق ضررا بشرفه أو سمعته.
الحقوق الأدبية للمؤلف في القانون المغربي
ويقصد بالحق في النشر أن يكون للمؤلف وحده تحديد الوقت المناسب لنشر مصنفه، وهذا الحق يتعين مباشرته من المؤلف نفسه، فان توفي المؤلف باشره خلفه العام أو الخاص.
(المادة9) و (الفقرة 1 من المادة 6 من اتفاقية برن) إن المؤلف هو المبدع الذي يرجع إليه الفضل في التعبير عن المصنف، لذلك فله وحده أن ينسب إليه مصنفه وألا ينازعه وفي ذلك آخر ويملك المؤلف أن يستخدم اسما آخرا (اسم مستعار) أو يحجب اسمه تماما ولا يحرمه هذا من حق نسبة المصنف إليه متى اثبت ذلك. فالمؤلف يرتبط بمؤلفه برابطه معنوية وهي رابطة الأبوة التي تعني نسبة المصنف إليه بحيث يكتب اسمه ولقبه عليه وكذلك مؤهلاته العلمية وكل ما يعرف به للناس سواء نشر المصنف بنفسه أم بواسطة غيره، وهذه الأبوة تعني عدم جواز نسبه المصنف إلى غيره على نحو يحول دون اقتباسه كله أو بعضه. وحق الأبوة من الحقوق التي لا يجوز النزول عنها أو التصرف فيها بحيث يعد أي تعرض في هذا الخصوص تعرضا باطلا لمخالفته للنظام العام، وذلك على عكس الحقوق المالية.
هكذا تنص المادة 9 على: " إن مؤلف المصنف، بصرف النظر عن حقوقه المادية وحتى في حاله تخلي عنها، يمتلك الحق فيما يلي:
أ - أن يطالب بانتساب مصنفه له، وبالخصوص أن يوضع اسمه على جميع نسخ هذا المصنف في حدود الإمكان وبالطريقة المألوفة ارتباطا مع كل استعمالا عموميا لهذا المصنف.
ب - أن يبقى مجهولا أو أن يستعمل اسما مستعارا.
للمؤلف الحق في أن يحترم مصنفه احتراما كاملا فليس لأحد أن يعدل أو يحوز فيه بغير إذن كتابي مسبق منه والحق في احترام المصنف هو حق دائم لا يقبل التصرف فيه ويخول صاحبه معارضة أي تعديلات يتم إجراءها على مصنفه وعلى ذلك فلا يجوز إحداث أي تعديلات على المصنف دون موافقة مبدعه الذي له الحق في أن يدافع عن تكامل مصنفه والحيلولة دون وقوع أي تشويه أو تحريف له، فمؤدى هذا الحق هو إسباغ الحماية على المصنف بالشكل الذي أخرجه فيه مؤلفه.
فالمادة 9 من التشريع المغربي تنص:" ....ج . أن يعترض على كل تحريف أو بثر أو أي تغيير لمصنفه أو كل مس من شانه أن يلحق ضررا بشرفه أو بسمعته".
في نفس السياق نجد المادة 6 ثانيا من اتفاقيه برن تنص: " بغض النظر عن الحقوق المالية للمؤلف بل وحتى بعد انتقال هذه الحقوق فان المؤلف يحتفظ بالحق في المطالبة بنسبه المصنف إليه وبالاعتراض على كل تحريف أو تشويه أو أي تعديل آخر لهذا المصنف أو كل مساس آخر بذات المصنف يكون ضارا بشرفه أو بسمعته".
يحق للمؤلف أن يسحب مصنفه من التداول ندما على رأي أبداه أو تعبير أورده أو حتى شكل اتخذه المصنف ما دام المؤلف قد أصبح يرى فيما تقدم مساسا به وبمكانته وسمعته، ويجب على المؤلف استئذان القضاء حتى يتمكن من مباشره هذا الحق للتأكد من جديه الدافع للسحب، مع إلزامه بدفع تعويض عادل لصاحب حق الاستغلال المالي إذا وجد (غالبا ما يكون الناشر). هذا وقبل أن نختم الحديث عن الحقوق الأدبية للمؤلف لابد أن نشير إلى أن بعض التشريعات وتعزيزا منها للجزاء القانوني المفروض على التصرفات المنصبة على الحق الأدبي للمؤلف (المادة 145 من التشريع المصري) نصت على ان كل تصرف يقع باطلا بطلانا مطلقا على الحق الأدبي للمؤلف، وبالمقابل لم نجد هذا المقتضى في التشريع المغربي ولا في الاتفاقيات الدولية وكنا نأمل ان يحدو تشريعنا حذو المشرع المصري.